كشك الشتا … القصة القصيرة الفائزة بالمركز الأول على مستوى الجمهورية للطالب السويسى …محمد مجدى جمعة
- قصه
- 20 أبريل 2017
- d M Y
- 29763 مشاهدة
انطلق عند بزوغ الفجر حاملا حقيبته وكل ما استطاع اخذه مرتديا معطفه الجلد في ذاك الجو البارد ولسوء حظه شرعت السماء بالمطر
اسرع في مشيه لمقصده وعندما وصل تلقي نبأ غير سار فلقد ألغيت الرحلة بسبب هطول الامطار وهياج الامواج وعصف الرياح الشديد
لكن تبدل وجهه قليلا الي لون الشحوب عند سماعه ان الرحلة تأجلت للأسبوع اللاحق
فلقد جهز لهذه الرحلة منذ اكثر من سنة ، نعم انها تلك الرحلة التي تأخذك خارج حدود بلادك بالتأكيد سيدي انها رحلة الهجرة الغير شرعية او ما يسميها البعض رحلة اللاعودة…
عاد الي منزله خائب الامل كيف لا ولقد تأجلت هذه الرحلة عدة مرات قبل اليوم ففي كل مرةتتأجل اما من اجل الطقس السيئ او من اجل وفاة اقرباء منظمي الرحلة و التغيير الدائم لميعاد الانطلاق
اخرج علبة سجائره من جيبه ونظر اليها محدقا انها العلبة الرابعة لليوم وهذه السيجارة الاخيرة يجب اناستغلها جيدا فلا يوجد محلات مفتوحة في هذه الساعة بحث في جيبه عن الولاعة لكن وجد انها سقطت منه زفر بغضب وارتدي الجاكت وانطلق للبحث عن اي كشك ليشتري منه النار التي ستضيئ دخان سيجارته بادر في المطر باحثا هنا وهناك واتجه لضوء بسيط في نهاية الشارع كان الضوء لمحل بقالة صغير ذهب اليه فوجد شابا اصغر منه بفارق بسيط جالسا في داخل المحل يشاهد التلفاز مستمتعا بالفيلم الذي يشاهده فقاطع استمتاعه صوت جلال قائلا:
هل لديك ولاعات ؟
اجابه الفتي: نعم تفضل ادخل للمحل حتي احضرها لك من الداخل فقد بصيبك البرد
هكذا دخل جلال المحل فوجد فراشا علي الارض ولحاف دافئ بجوار التلفاز ولاحظ ذلك الفيلم الذي كان يعشقه في صغره وكان يشاهده عشرات المرات احضر له الفتي الولاعة قائلا له بأدب تفضل .
اخذها جلال واخرج المال من جيبه لكن الفتي اجابه انه علي حسابه فرد جلال شكرا لك رد الفتي: يمكنك الجلوس معي الي حين انتهاء المطر او يمكننا ان نتسلى بهذا الفيلم لحين انتهاء المطر اجابه جلال بنوع من الاستلطاف:
حسنا … لكن أنا لاأريد آن أثقل عليك.
رد الفتي: لا لا تقل ذلك اعتبر نفسك في منزلك ولو لم يكن كبيرا بما يكفي ستجد ما تريد فيه
رد جلال بابتسامة :شكرا لك
انتهي الفيلم والجو مازال يمطر
فسأل جلال الفتي هل هذا الكشك لك؟
اجابه الفتي نعم
جلال .. اخبرني كيف حصلت عليه الفتي:
كنت ادخر بعض الاموال قبل تخرجي وعندما تخرجت أتتني الفكرة بأن افتتح الكشك لكن كان ينقصني مال كثير فاقترضت من معارفي واقربائي وبنيت هذا الكشك وعندما وقفت علي قدمي سددت كل ما اقترضته من الناس وزاد رزقي مع العمل الجاد ومراعاة الله في سلعي فرزقني واصبحت املك مالا استطيع شراء كل ما أريده به والحمد لله تعجب جلال قائلا: تملك كل هذا المال ومازالت بائعا في كشك؟
رد عليه الفتى …
حب ما تعمل لتعمل ما تحب وانا احب ما اعمل وكما تري انا راض بعملي وبمهنتي وان هذا الكشك هو مصدر لقمة عيشي فكيف لي ان اتركه واتكبر عليه!
جلال : ما اقصده هو انك اصبحت تملك المال لكن ما الذي يجعلك تبقي لهذه الساعة لكن ماذا ستجني من اجل بيع ولاعة او بعض الكبريت في هذه الساعة المتأخرةوالجو البارد والممطر؟
سكت الفتي دقائق ورد عليه بكل ثقة : سأجنى ما جنيته انت من ظنك ان هناك محلا مفتوحا في هذه الساعة ابتسم جلال فقاطع ابتسامته الفتي بسؤال قائلا :
وانت ماذا تعمل؟
رد عليه جلال …أنا … ثم سكت لبرهة واكمل حديثه انا عاطل حاليا لكن وجدت وظيفة وسألتحق بها قريبا
:أجابه الفتى حظا موفقا ياصديقي ثم اكمل قائلا ان الله لايضيع اجر من عمل عملا صالح فالله يعطيك رزقا يساوي رزق ما زرعت وان قل ما حصدت فإن الله لعليم بالقلوب والنيات .
سكت جلال بضع دقائق فأجتذبه صوت كلاكس سيارتان خارج الكشك فخرجوا ليروا من صاحب هذه الضوضاء خرج رجل من السيارة الاولي ملامحه اجنبيه ومعه خمسة اشخاص ثلاث رجال وسيدتان والسيارة الثانية خرج منها تسعة اطفال ووقفوا داخل الكشك
الفتى … بما يمكن آن أخدمكم
رد الرجل ببعض من اللغة العربية تبينت ان اصله انجليزي انا وعائلتي كنا نتجه الي الاسكندرية لزيارة بعض اقاربنا لكن نفذ الطعام والشراب منا ومن الجيد اننا وجدنا محلا مفتوحا في هذه الساعة
رد الفتي بابتسامة :حسنا تفضلوا خذو ما تريدون المحل ملك لكم
اشترت العائلة متطلباتهم وكل ما يكفيهم في طريق السفر
فسأله الرجل كم الحساب؟
اجابه الفتي سبعمائة وخمسون جنيها رد الرجل هل تقبل بالدولار كعملة فأنا لا املك الا 50جنيها فقط
رد عليه الفتي : لكن انا لا اعرف سعر الدولار بالجنيه رد عليه الرجل : لابأس فهذه الاشياء تساوي في بلدي اكثر من سبعمائة وخمسون دولار تفضل ها هي الف دولار وارجو ان تكون كافية
رد الفتي : لا سيدي هذا كثير جدا عن ما أحتاجه فقط اعطيني ما يساوي البضاعة لا اكثر ولا اقل ابتسم الرجل قائلا حسنا اعطيني 200جنيه بدلا من 100دولار والباقي مني لك علي مبادئك فانا اشجع الرجال امثالك
اخذ الرجل عائلته وذهب وجلال واقف امام الفتي متعجبا ابتسم الفتي وقال : الحمد لله علي كل رزق فلو لم افتح في هذه الساعة لما كان هذا الرزق ليأتيني فكل رزق يأتي من كل تعب واجتهاد.
انتهي المطر وودعه جلال قائلا : لقد تشرفت بمعرفتك ايها الفتي ولكن هل يمكن ان اعرف اسمك
اجابه الفتي :اسمي محمود واذا اردت اي شيئ انا هنا دائما
مر اسبوع وجاء اليوم المنتظر لقد وضعت اكثر من خمسة وعشرون الف جنيه لهذه الرحلة والان لا يمكنني التراجع ابدا ….انطلق قارب الهجرة الغير الشرعية في الثانية فجرا مليئا بالمسافرين الذين وضعوا كل اموالهم وامالهم لتلك الرحلة يظنون انها بداية لحياتهم الجديدة ومر الوقت وظهر صباح يوم جديد مشرق علي الارض وبعد اربعة ايام شاهد محمود الجريدة في الصباح ووقعت عيناه علي الخبر الرئيسي في الجريدة غرق قارب للهجرة الغير شرعية قبل وصوله للحدود وموت جميع الركاب
خرج رجل من المحل وامسك من محمود الجريدة ورأي الخبر فاعتلته الابتسامة
سأله محمود لماذا تضحك يا جلال
فأجابه جلال : الحمد لله هيا نكمل عملنا لليوم يا محمود الزبائن تنتظر.
… انتهت …