= كتب : ابراهيم مرزوق

 = حسام محمد عابد فنان استطاع ان يجد له أسلوب خاص للتعبير عن فنه .. فهو يرسم بعيدان القمح والقش مستغرقاً ساعات طوال يقطع ويلون أو يحرق ثم يلصق عيدان قش القمح بالغراء ليبدع لوحات متقنة بأسلوب فني فريد من نوعه .. فمهارته الفنية قادته إلى حقل إبداعي خصب فأطلق من عيدانه المتيبسة معاني جمالية جديدة تتغنى بالحياة بكل ما تحمله من خير .. وعندما سألناه عن بدايته الفنية قال :

= البدايات كانت في عمر الثالثة عشر تقريبا  عندما وجدت في المنزل 3 لوحات قديمة جدا يعود عمرها لعام 1958 وكانت لوالدتي التى كانت تمتلك موهبة الرسم بعيدان القمح    فعلمتني كيفية الرسم بهذه العيدان وعرفت انه فى موسم القمح او حصاد القمح يمكننى الذهاب لجمع العيدان والقش المناسب للعمل .. وبدأت فى عمل أولى لوحاتى بهذه الطريقة وكانت الأمور غاية فى الصعوبة وتحتاج الى صبر كبير .. فقررت ان أركز اكثر واصبحت اهتم بهذه الهواية وكل يوم كانت الموهبة بتزداد عندي وبحبها اكثر ولا استطيع الاستغناء عنها وكنت اشعر انه ينقصني شئ لو ابتعدت يوم عن ممارسة تلك الهواية .. وكنت اشعر بسعادة بالغة عندما انتهى من لوحة واشعر انى عملت شئ محتاج صبرا بشكل كبير جداً .. فالصبر هو سر النجاح فى انجاز كل لوحاتى بقش او بعيدان القمح .. وانا اتجهت في عمل اللوحات باللون الأبيض والأسود ثم تلوينه مثل ما رأيت في اللوحات القديمة الخاصة بوالدتي  لكن انا فضلت ان يظهر اللمعان الموجود بالعيدان مثل الطبيعة .. فرسمت أولا الآيات القرآنية ثم المناظر الطبيعية ثم البورتيريهات وغيرها المهم انى أكون حاسس بالعمل الذى ارسمه ويكون معبر عن شئ بداخلي حتى الآيات لازم تكون أشياء حدثت معي تعبر عن كلمات الآية ..

ـ وتحدث عن طريقة الرسم بعيدان القمح وكيفية تنفيذ لوحاته قائلاً :

= استخدم برنامج الفوتوشوب لوضع الرسومات أو الآيات القرآنية وتصميمها بالطريقة التى أريدها ثم أقوم بطباعتها على الورق ثم ابدأ بقص القش باستخدام الشفرة ولصق القش على الرسومات أو الآيات القرآنية باستخدام الصمغ ثم تفريغ اللوحة من الورق ولصقها على قطعة من القماش الأسود اللامع .. وكنت فى وقت سابق استخدم الزجاج والإطار الخشبي ولكننى فى وقت قريب قررت الاستغناء عنه لأن الزجاج يطفئ لمعان القش وإذا أردت إضافة الألوان إلى القش أقوم بوضعه داخل علبة الوان مائية وذلك لمدة يومين أو لثلاثة أيام ليحافظ على بريقه ولمعانه الطبيعى .. وغالباً استخدم الحرق لإظهار درجات اللون البني على القش مع مراعاة التدرج فيها ..

وقد جربت الكثير من أنواع القماش بألوانها المختلفة إلى أن اهتديت إلى اللون الأسود اللامع من قماش ( الشمواه ) الشبيه فى لمعانه بلمعان القش الذهبى .. وأقوم بتجزئة اللوحات الكبيرة وأعمل فى كل جزء على حدة ثم أقوم بتجميعها مرة أخرى على قطعة القماش .. 

ـ وعن اكبر عمل قام برسمه وهل حجم القش له دور فى حجم لوحاته قال :

= اكبر لوحة رسمتها كانت بحجم متر في متر وهى سورة الإخلاص وأهديتها لوالدي رحمه الله .. وحجم القش والعيدان يقيدني بحجم اللوحات وعادةً تكون صغيرة حتى لا يحدث قطع في النص او تظهر في الملامح المرسومة فتقلل من القيمة الجمالية للوحات  .. وأحيانا ارسم لوحات بحجم كبير وهذه تتطلب وقت ومجهود كبير جدا ..

ـ وعند سؤاله عن أحب الأوقات لممارسة عمله وعن الصعوبات التى تواجهه قال :

= أنا أفضل أوقات الصباح ما قبل الظهيرة وأوقات المساء المتأخرة لكونها الفترات الأكثر هدوء ً ٍ.. فالعمل بهذه الطريقة يحتاج إلى الكثير من الهدوء والتركيز والدقة والصبر الشديد .. أما بالنسبة للصعوبات التى تواجهنى : فالشفرات لا تدوم طويلاً وتقل حدتها أثناء العمل .. كما أنه يصعب الحصول على نوع الصمغ الأكثر قوة والتصاقاً بين الورق والقماش الشمواه ..

بالإضافة إلى المشاكل الصحية كالصداع ووجع الكتف واليد وبعض أوجاع الرقبة بسبب ساعات العمل المتواصلة ولكن كل هذه الأوجاع تزول بمجرد الانتهاء من العمل وظهوره بشكل جيد .. كذلك إن انقطاع التيار الكهربائي كان أكثر ما يعيقني .. فانا أحتاج إلى توفير الكهرباء والإضاءة بشكل منتظم لكي أرسم بالشكل المطلوب خاصة الأماكن الدقيقة .. فكنت أنتظر الأوقات التي تأتي بها الكهرباء كي أباشر عملي ..

وانا اعتدت إنجاز لوحات عيدان القمح وتقديمها كهدايا لأصدقائي ولاقاربى ولكنى أأمل الآن في أن أتمكن من فتح صالة عرض لأعمالي بهدف المساعدة في إحياء هذا الفن القديم لانه وسيلة لتفريغ الطاقة السلبية التي تنجم عن قسوة الحياة .. حيث ان ممارسة هذا الفن لمدة ثلاث او أربع ساعات أمام اللوحة تجعلك تشعر انك أنجزت شيئا ذو قيمة  وتشعر عندها بأنك أصبحت بحال أفضل ..