جمعية “لم نفسك” … قصة لمحمد تهامى
- قصه
- 23 أبريل 2016
- d M Y
- 2492 مشاهدة
قامت إحدى الجمعيات الخيرية المنتشرة في القاهرة في الفترة الأخيرة بعمل حملة تسمي “لم نفسك”… وقد سمع عنها فارس.. وأثارت انتباهه.. خاصة وأنه شعر أن دعايا الحملة تطارده أينما ذهب..
كان السؤال الذي يسأله فارس لنفسه لماذا تطارده هذه الحملة.. ما علاقته بها..؟؟
كان يشعر أنها تسير خلفه.. ملصقاتها في كل مكان.. يذهب له.. حتى على باب شقته.. وجد إحداها قد لصقت في غيابه..
وحتى برامج التوك شو المسائية التي يهوى متابعتها تتحدث عن حملة لم نفسك..
لذلك سأل فارس نفسه.. اشمعنا أنا..
لماذا تترك الحملة المتحرشين الحقيقيين وتهتم بي..؟؟
ومع المتابعة عرف أن سبب الحملة أن بعض الجمهور المصري المهتم بمشاهدة مباريات كرة القدم يمارس التحرش أثناء مشاهدة تلك المباريات في الملاعب وكأن ما يفعله نوع من التعبير عن الفرحة بفوز منتخب بلاده ببطولة ما.. والحقيقة أنهم يستغلون موقف مناسب للتحرش وكأنهم مش واخدين بالهم..
لذلك توقف مجموعة من الشباب والبنات أمام تلك الظاهرة ووقفوا حائرون كيف ينقذون الفتاة التي تتعرض للتحرش..؟؟
فالفتاة أي فتاة في الطريق هي بين أيدي العقل الجماعي الجائع المتوحش الذي تعلم أن الخطأ الذي يرتكب في الزحام لن يلتفت أحد إليه..
وتعلم أنه يستطيع أن يغسل أخطائه إذا خرج في مظاهرة مماثلة يسب فيها شخصية ما أكثر أخطاءً منه…
ووقف الشباب حائرون..
أمام عدد من الفيديوهات على موقع (اليوتيوب) الشهير والتي بها مشاهد التحرش بالفتيات وكأنها أصبحت عادة ويرفع الشباب المتحرش الفيديوهات على موقع اليوتيوب وكأنه يعبر عن فرحته بأنه تحرش بالفتيات..!!
وقد أصبح لا عجب أن تجد نفس التجمعات التي يمكنها من أن تسير في الزحام من أجل نهش فتاة ومن أجل أن تتحرش بالفتيات هم أنفسهم الذين يسيرون في مظاهرات ضد الاستبداد أو الفساد أو من أجل سب البلاد الأوربية المتدخلة في شئوننا أو من أجل إقالة مسئول ليس لأنه قتل المئات.. بل لأنه قال رأي يخالف رأيهم..!!
وهذا طبيعي في مجتمع اختلت فيه الموازين بل إنها نتيجة التخلف الذي توغل وأستمر وأصبح أكبر من كل شيء..
وبعد كل هذا التفكير
أعاد فارس على نفسه السؤال اشمعنا أنا..؟؟
كيف تطالبه الحملة أن يحترم نفسه..؟؟
وهو لا يشاهد كرة القدم إلا في غرفته ومع أسرته..
ولا ينزل في التجمعات التي تكون بعد الفوز في البطولات لأنه يعاني من الاختناق بسبب الزحام ولا يحب أن يتواجد في الأماكن المزدحمة..
إنه لم يلمس أنثي ولم يتحدث مع فتاة..
وقد عاش حياته في عذاب بمفرده..؟؟
ابتعد عن الحملة.. وأغلق التلفزيون الذي كان يشاهده وابتعد عن الفيس بوك حتى لا يعرف أخبار الحملة..
وفي يوم من الأيام خرج مع صديق له وقال له أنه لديه مشوار صغير.. ويريده أن يأتي معه فسوف يقتنى هدية صغيرة لحبيبته من مكان قريب هنا في المهندسين..
وذهبوا معاً..
وكانت المفاجأة أنه وجد نفسه داخل الحملة نفسها..
حملة “لم نفسك”..
وأخذتهم صديقة صديقه وأجلستهم في غرفة ما.. شبه فارغة.. بها شباب وفتيات يلعبون الكرة.. في ركن بعيد هادئ في رومانسية تتعدي حدود الرقابة بين شاب وفتاة
أنهم يتعاملون بطريقة عادية جداً…
وبدأ عقله يفسر صوت الموسيقي الدائرة في الخلفية
صوت محمد منير ينشد حدوته المصرية الخالدة..
ما ارضاش يخاصم القمر السما..
ما ارضاش تدوس البشر بعضها..
ما ارضاش يموت جوة كل ندا..
ما ارضاش تهاجر الجذور أرضها..
لاحظ فارس أن الفتيات والشباب يلعبون ويضحكون ويتلمسون في براءة شديدة..
ويأتي صوت ما من جانبه لا يعرف مصدره فيجده لفتاة تقول أنها لا تصوم إلا إذا نزلت الشارع.. أما إذا بقيت في البيت فإنها لا تقاوم الطعام..!!
ثم سمع صوت آخر يتحدث عن مشكلة انتظار السيارات في قرية سياحية في مارينا بعيد عن الشاطئ..
وصوت منير مرة أخري يتحدث عن الحقيقة ومعاناة المصريين..؟؟
بالتأكيد أنه لم يأتي إلي هنا..
أجراس بتعلن نهاية بشر من العباد
دي الحكمة قتلني وحيتني
أغوص في قلب السر
قلب الكون
قبل الطوفان ما يجي
خلتني أخاف عليكى يا مصر..!!
أنهم يسمعون الأغنية ولا يهتمون بأن يفهموا معناها..؟؟
مثل كل شيء عندما تري أحد يسمع القرآن أثناء حصوله على الرشوة..
إننا نحافظ فقط على كل شيء شكلاً ونرفضه موضوعاً..
نخدع أنفسنا وننسى أن الله يرى كل شيء و يعرف الحقيقة..
يستمرون في اللعب..
ويكتشف فارس أن الحملة شيء لذيذ جداً..
ينتهون من اللعب فتبدأ فعاليات الحملة حيث تدخل فتاة عاشت نصف حياتها في أمريكا واستطاعت أن تحضر دعم للحملة من جهة أمريكية..
بدأت حياة فارس تتغير منذ أن اشترك في الحملة..
تمنى لو كان قد اشترك فيها منذ زمن طويل..
إنه لم يشاهد مكان مثل هذا طوال عمره..
شارك في كل أنشطة الحملة واقترب من الفتيات لأول مرة في حياته..
ولأول مرة تكون له صديقات..
بل إنه ولأول مرة يحمل تليفونه المحمول أسماء بنات..!!
زادت الحملة من جرئته على اقتحام الحياة واقترب من الفتيات بشكل محترم ونزل معهم إلى الشارع يعلق ملصقات الحملة بنفسه..
وبعدما كان مستنفراً من الحملة صار أحد الشباب الداعين لها..
شارك فارس في قضايا رأي عام ضد التحرش.. ولاحظ أن أغلب مراكز حقوق الإنسان بها مسيحيون يعملون مع المسلمين بلا أي حساسيات..
الغريب أنه لاحظ أنه عندما تستمع لآراء الناس في الشارع تشعر أن مصر شعب من الأبرياء لا أحد يلمس بنت في شارع.. أو يجرأ على مضايقتها..
وعندما تقرأ تقارير منظمات حقوق الإنسان عن وقائع مسجلة تدهشك أنك تجد العكس هو الصحيح تماماً..
حتى وزارة السياحة اعترفت في إعلان لها أن الشعب المصري يمارس التحرش مع السائحات..
ابتعد فارس عن دراسته الجامعية وأصبح مهتم بالجمعية والقضية..
أوقات يكون مهتم بالقضية وأوقات يكون مهتم بأشياء أخرى..
سافر فارس مع شباب الحملة إلي مارينا.. لعمل عدد من الأنشطة.. وكانت أول مرة يسافر مارينا على حساب الجمعية..
ذهب إلي المسجد لصلاة الفجر..
سخر منه أصدقائه في الحملة..
إن فارس أول واحد يأتي إلي مارينا من أجل الصلاة..
مشهد البحر في الصباح يجعلك تفكر وتعيد التفكير في كل شيء..
أين الحقيقة…..؟
أنا لا أفعل إلا مثلهم…..؟
أشارك في صرف مبالغ مالية قادمة لنا من الخارج…
أشعر أني سعيد بالأشياء اللحظية…
ولكني لا أشعر بالرضا عن نفسي..
أشعر أني أتاجر بالقضية أكثر من حلها..
لماذا لم يكن هناك قديماً متحرشين في مصر..
لماذا كان يعتبر المصري أي فتاة في مقام أخته..؟؟
لماذا كان المصري يحافظ على بنت الشارع..؟؟
من السبب في تغير نظرة المجتمع إلى المرأة على أنها مجرد وسيلة للمتعة..؟؟
أين ذهبت مصريتنا..؟؟
بل أين ذهبت شهامتنا ومروءتنا التي اشتهرنا بها عبر التاريخ..؟؟
لاحظ في آخر الشاطئ عدد من الفتيات الأجنبيات يرقصن في حضرة شخصية مصرية هامة معهم في جمعية لم نفسك….
قرر فارس أن يشاركهم الرقص
وأثناء ذهابه لهم..
وضع الـ (ام بي ثري) على أغنية منير
وهو ينشد ويقول..
مين العاقل فينا مين المجنون
مين الي مدبوح من الألم
مين اللي ظالم فينا مين مظلوم
مين اللي ما يعرفش غير كلمة نعم
مين اللي محنيلك خضار الفلاحين غلابة
مين اللي محنيلك عمار عمالك الطيابة
مين اللي ببيع الضمير مين يشتري مين يشتري بيه الدمار
مين هو صاحب المسألة والمشكلة والحكاية والقلم